كتبت : منى بو حمور
عمان– يتفرد فصل الشتاء عن غيره من فصول السنة بازدهار بعض الحرف اليدوية والمهن خلاله، والتي تمكن الكثير من النساء الأردنيات من إعالة أسرهن، والخمسينية أم رامي هي إحدى النساء اللواتي يتقن فن الكروشيه وتكثف الاشتغال فيه خلال هذا الفصل.
وتفضل أم رامي فصل الشتاء عن فصول السنة بأكملها، فهو “فصل الرزقة والخير كله فيه”؛ حيث تنشط في صناعة الملابس المصنوعة من الصوف، فتقوم بصناعة البلايز والمعاطف للصغار والكبار، كما أنها تتقن صناعة “اللفحات” والقفازات و”كلاكيل الأطفال” حديثي الولادة، إلى جانب مهاراتها في صناعة “كسوة” المخدات والوسائد وأغطية الطاولات والكراسي.
وتحمد أم رامي الله على ضغط العمل في موسم الشتاء على الرغم من التعب الذي تعانيه، فمن خلال هذه المنتجات التي تسوقها، تتمكن من تأمين حاجيات المنزل من المحروقات ودفع مستلزمات المدارس ومتطلبات المنزل، إلى جانب ادخارها بعض المال للحاجة.
وتقول “ليل الشتاء طويل وإذا ما أشغلنا أنفسنا بشيء سيكون مملا ومزعجا، فصناعة الملابس والأحذية الشتوية، تقتل الوقت وتحيي فينا هذه الهواية، وتمكنا من كسب مبلغ لا بأس به من المال”.
الخمسينية أم وداد هي الأخرى من النساء اللواتي ينتظرن فصل الشتاء بفارغ الصبر، فهي تبدأ بإعداد العدة منذ مطلع أيلول (سبتمبر) من كل عام، فتقوم بتجهيز المرطبانات التي تقوم بتخليل الزيتون فيها.
وتوضح “في فصل الشتاء أقوم بتجهيز الزيتون والمكدوس وسلطة الجزر والزيتون، والمنطقة التي أقطنها كاملة تشتري مني المخللات و”المكابيس”و”المفتول”.
وعلى الرغم من أن المردود المادي من هذه المهنة بسيط، كما تقول وداد، إلا أنه يفي بالغرض، مشيرة إلى أن الكثير من النساء لا يجدن صناعة المفتول والمكمورة التي تعد من الأكلات الشتوية المعروفة، والتي يشتهي الكثير تناولها، فتقوم هي بتحضيرها وبيعها مطبوخة جاهزة.
الخمسيني علاء الزعبي صاحب أحد محلات البقالة هو الآخر يعتبر فصل الشتاء فصل خير ورزق، لاسيما وأنه يبيع خيرات الشتاء في بقالته.
أم محمد هي الأخرى متخصصة بتحضير “الفوارغ” وطهيها وبيعها للعديد من الأسر التي لا تتقن طهيها، فهي متخصصة بتنظيف “الفوارغ” و”الكوارع” و”الروس” وطبخها حسب رغبة المشتري.
وتلفت أم محمد إلى أن إقبال الناس على هذه الأكلات في الشتاء يجعل من هذا الفصل مصدر دخل لها ولأسرتها، كما أنها تعينها على مصاريف الشتاء التي تفوق دخل زوجها.
من جهته، يشير أخصائي علم الاجتماع الاقتصادي حسام عايش، إلى أن لكل فصل من فصول السنة أدبياته ومتطلباته واحتياجاته، وبالتالي يمكن لربات البيوت ملاحظة هذه التغييرات والاحتياجات.
ويشير إلى أن النشاطات اليدوية أصبحت مطلوبة أكثر وبشكل خاص عندما تكون بيتية، لافتا إلى أن المستهلك يرى أن مثل هذه الصناعات أكثر جودة ومصداقية واتساقا مع احتياجاته.
ويلفت عايش إلى هذه النوعية من الصناعات الصغيرة والسريعة المرتبطة بفصل الشتاء، مشددا على ضرورة إحياء هذه الصناعات والمحافظة عليها ونقلها من جيل إلى آخر؛ إذ تعد مصدر رزق يعتمد عليه العديد من الأسر، وتعمل على تحسين مستوى المعيشة وتقلل من البطالة.
وتشير الأرقام، بحسب عايش، إلى ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في الأعمال غير الرسمية وإعالة أسرتها؛ حيث يبلغ عدد الأسر التي تعيلها نساء 16900 أسرة، في حين تبلغ نسبة الأسر التي تحصل على المعونة الوطنية وتعيلها نساء 30 %، و55 % من الذين يحصلون على معونة وطنية هم من النساء الفقيرات.
ويرى عايش أنه لابد من أن تدعم هذه الصناعات من قبل الحكومة من خلال التسويق وتقديم القروض المادية، لتحسين دخل الأسر الفقيرة وانتشالها من الوضع الذي تعيشه، لاسيما في ظل القراءات التي تشير إلى أن نسبة الفقر تتراوح في الأردن بين 14 % و15 %، في حين أن 18.5 % من الأسر في الأردن تعاني من الفقر الموسمي.
ويؤكد أن تحويل هذه الأفكار حسب الفصول وتقديم الدعم لهذه الأسر من شأنه أن يلعب دورا في تنشيط العملية الاقتصادية وتحسين المستويات المعيشية، منوها إلى أنه لا بد من البحث عن هذه العائلات ودعمها والمحافظة على مهنها والسعي إلى تحسين ظروف حياتها في المجتمع والتخفيف من المشاكل الناجمة عن الفقر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق