يسكنون معاً...وقلوبهم شتى
تجمعهم الجدران...ويعيشون فرادى
يربون الأبناء...فيصبحون غرباء
ما هو مفهوم الزواج؟ هل هو تلبية لمظهر اجتماعي وشخصي؟ أم هو وحدة مادية لشخصين؟
أم هو علاقة رومانسية حالمة؟ هناك المئات من المفاهيم تتعلق بالزواج وجميعها تبدو صحيحة من زاوية ما أو عدة زوايا. ولكن هناك نوع جديد من الزواج وهو الوحدة في داخل العلاقة الزوجية؛ ما يجمعهم فقط سقف وجدران ولكن القلوب مهاجرة والأفكار متنافرة، فمنهم من يستمر بهذا الزواج الأعمى والأبكم لأسباب مادية ومنهم من يبقى لأجل الأولاد ومنهم من يبقى لعدم وجود خيار آخر، أو ببساطة بسبب الخوف من إنهاء حياة وابتداء حياة أخرى" فما نعرفه أفضل مما لا نعرفه".
لكن المشكلة بهذه الوحدة الكامنة في الزواج هو أنها تستمر صامتة ولكنها تكدس بأعماقها أكوام من الضغينة للآخر وحين يحصل الشرخ في السقف الهش تتساقط كل تلك الأكوام ليس على رأس الزوجة والزوج فقط بل وعلى الأبناء أيضاً ويكونوا هم أكثر من تعرض للأذى الجسدي والنفسي.
لابد من الاعتراف بأننا في مجتمع يغرق في النفاق والمظاهر ويكاد يعجز عن مواجهة الحقائق، وأننا نُرضي من حولنا حتى ولو عن طريق الكذب أو المجاملة، عن طريق القروض أو رهن ما نملك لأجل إرضاء زوجة المستقبل أو المحافظة على زوج المستقبل؛ فالقليل من الأسر تتحدث بصراحة وواقعية حول الأمور المادية، القليل من النساء من يتحدثن بصدق عن مشاعرهن خصوصاً قبل الزواج، والكثير من الرجال يتزوجون لأن المرأة تمتلك مواصفات مادية مُغرية حتى ولو كانت متواضعة الجمال أو الذكاء.
لا يمكن تجنب الأخطاء دون الاعتراف بنقاط الضعف، وان نقف بجرأة أدبية أمام أفكار مهترئة لم تعد تجدي نفعاً في عالم غارق بالمادية وبالذاتية، ففيما مضى كانت الزوجة تضحي بكل ما تملك لأجل زوجها، وإن لم تكن تملك كانت لا تتخلى عنه حتى في أفقر أوقات حياته، لقد كانت سد منيع له إن جارت عليه الحياة، ولا تحتقره لضعفه أو لفقره، فيكفي أنه زوجها وأب أولادها؛ أما الرجل فقد كانت زوجته عالمه الحنون والدافئ، ولم يكن يتوفر لديه العشرات من النساء حيثما توجه وأينما جلس، لقد كانت هي الحبيبة والزوجة وأم الأولاد ولم يكن يحتمل ابتعادها عنه ولا مجافاتها له، لقد كانت علاقات عميقة الشعور صادقة الانتماء، حتى أن المرأة لم تكن تقول بأنها ضحت أو أنها انسناء أبو شرار - الأردن كرت ذاتها بل تبدو سعيدة في كل عام ترى به أولادها يكبرون رغم الفقر ورغم كل الظروف الصعبة.
ولا يمكن النظر على الزواج المعاصر من منظار الماضي من حيث أن المرأة تعتقد بأن زوجها سوف يبقى ذلك الرجل الرومانسي العاشق، ولا يمكن للرجل أن ينظر للمرأة بأنها ستُضحي لأجله بأي شيء وبكل شيء؛ هناك حجر أساس تخلخل ولم يعد ثابت في العلاقة الزوجية المعاصرة وهذا الحجر هو ما قيمة الآخر؛ فإن تخلخلت قيمة الآخر فإن الزواج يصبح هشاً ولا يتماسك إلا لأسباب مادية أو عائلية.
هذه الوحدة المعاصرة في الحياة الزوجية تستحق الدراسة والبحث لأنها لم تعد ظاهرة عابرة بل أصبحت مُتعمقة في المجتمع، بل هناك من اعتاد عليها ويرى بأنها ليست سيئة من حيث أنه بهذا الصمت ليس مُلزم بتقديم أية مشاعر عاطفية، فالصمت هو السيد.
ولكن هذه الوحدة أشد قسوة من وحدة الشخص الذي يعيش منفرداً في حياته، لأنها ثقيلة على الروح وتكبل النفس وتُفقد الإنسان مذاق الحياة، فهو لا يمتلك رفاهية العيش منفرداً ولا يطيق ذلك الشبح الذي يتجول في حياته ليُضفي عليها ألوان الكآبة والحزن. ربما نحتاج إلى نضح أعمق لنواجه أنفسنا بعيوبنا وعيوب تقاليدنا الشرقية التي بنت جزء كبير من مفاهيمها على مظاهر لا قيمة لها، فالتفاهم بين شخصين لا يُقاس بالمادة بل بالانسجام النفسي مع الآخر، ومن يقرر أن يُضحي لأجل الأولاد لابد أن تكون تضحيته راقية وبالصبر الجميل دون حقد دفين وشكوى دائمة؛ ومن يقرر أن يصبر على الطرف الآخر فليصبر دون ضغينة وتصيد للأخطاء؛ ففي كل شعور سلبي أو عدائي للآخر نحصل على نصيب النصف منه، نصف لمن نكره ونصف يطعن صدورنا
تجمعهم الجدران...ويعيشون فرادى
يربون الأبناء...فيصبحون غرباء
ما هو مفهوم الزواج؟ هل هو تلبية لمظهر اجتماعي وشخصي؟ أم هو وحدة مادية لشخصين؟
أم هو علاقة رومانسية حالمة؟ هناك المئات من المفاهيم تتعلق بالزواج وجميعها تبدو صحيحة من زاوية ما أو عدة زوايا. ولكن هناك نوع جديد من الزواج وهو الوحدة في داخل العلاقة الزوجية؛ ما يجمعهم فقط سقف وجدران ولكن القلوب مهاجرة والأفكار متنافرة، فمنهم من يستمر بهذا الزواج الأعمى والأبكم لأسباب مادية ومنهم من يبقى لأجل الأولاد ومنهم من يبقى لعدم وجود خيار آخر، أو ببساطة بسبب الخوف من إنهاء حياة وابتداء حياة أخرى" فما نعرفه أفضل مما لا نعرفه".
لكن المشكلة بهذه الوحدة الكامنة في الزواج هو أنها تستمر صامتة ولكنها تكدس بأعماقها أكوام من الضغينة للآخر وحين يحصل الشرخ في السقف الهش تتساقط كل تلك الأكوام ليس على رأس الزوجة والزوج فقط بل وعلى الأبناء أيضاً ويكونوا هم أكثر من تعرض للأذى الجسدي والنفسي.
لابد من الاعتراف بأننا في مجتمع يغرق في النفاق والمظاهر ويكاد يعجز عن مواجهة الحقائق، وأننا نُرضي من حولنا حتى ولو عن طريق الكذب أو المجاملة، عن طريق القروض أو رهن ما نملك لأجل إرضاء زوجة المستقبل أو المحافظة على زوج المستقبل؛ فالقليل من الأسر تتحدث بصراحة وواقعية حول الأمور المادية، القليل من النساء من يتحدثن بصدق عن مشاعرهن خصوصاً قبل الزواج، والكثير من الرجال يتزوجون لأن المرأة تمتلك مواصفات مادية مُغرية حتى ولو كانت متواضعة الجمال أو الذكاء.
لا يمكن تجنب الأخطاء دون الاعتراف بنقاط الضعف، وان نقف بجرأة أدبية أمام أفكار مهترئة لم تعد تجدي نفعاً في عالم غارق بالمادية وبالذاتية، ففيما مضى كانت الزوجة تضحي بكل ما تملك لأجل زوجها، وإن لم تكن تملك كانت لا تتخلى عنه حتى في أفقر أوقات حياته، لقد كانت سد منيع له إن جارت عليه الحياة، ولا تحتقره لضعفه أو لفقره، فيكفي أنه زوجها وأب أولادها؛ أما الرجل فقد كانت زوجته عالمه الحنون والدافئ، ولم يكن يتوفر لديه العشرات من النساء حيثما توجه وأينما جلس، لقد كانت هي الحبيبة والزوجة وأم الأولاد ولم يكن يحتمل ابتعادها عنه ولا مجافاتها له، لقد كانت علاقات عميقة الشعور صادقة الانتماء، حتى أن المرأة لم تكن تقول بأنها ضحت أو أنها انسناء أبو شرار - الأردن كرت ذاتها بل تبدو سعيدة في كل عام ترى به أولادها يكبرون رغم الفقر ورغم كل الظروف الصعبة.
ولا يمكن النظر على الزواج المعاصر من منظار الماضي من حيث أن المرأة تعتقد بأن زوجها سوف يبقى ذلك الرجل الرومانسي العاشق، ولا يمكن للرجل أن ينظر للمرأة بأنها ستُضحي لأجله بأي شيء وبكل شيء؛ هناك حجر أساس تخلخل ولم يعد ثابت في العلاقة الزوجية المعاصرة وهذا الحجر هو ما قيمة الآخر؛ فإن تخلخلت قيمة الآخر فإن الزواج يصبح هشاً ولا يتماسك إلا لأسباب مادية أو عائلية.
هذه الوحدة المعاصرة في الحياة الزوجية تستحق الدراسة والبحث لأنها لم تعد ظاهرة عابرة بل أصبحت مُتعمقة في المجتمع، بل هناك من اعتاد عليها ويرى بأنها ليست سيئة من حيث أنه بهذا الصمت ليس مُلزم بتقديم أية مشاعر عاطفية، فالصمت هو السيد.
ولكن هذه الوحدة أشد قسوة من وحدة الشخص الذي يعيش منفرداً في حياته، لأنها ثقيلة على الروح وتكبل النفس وتُفقد الإنسان مذاق الحياة، فهو لا يمتلك رفاهية العيش منفرداً ولا يطيق ذلك الشبح الذي يتجول في حياته ليُضفي عليها ألوان الكآبة والحزن. ربما نحتاج إلى نضح أعمق لنواجه أنفسنا بعيوبنا وعيوب تقاليدنا الشرقية التي بنت جزء كبير من مفاهيمها على مظاهر لا قيمة لها، فالتفاهم بين شخصين لا يُقاس بالمادة بل بالانسجام النفسي مع الآخر، ومن يقرر أن يُضحي لأجل الأولاد لابد أن تكون تضحيته راقية وبالصبر الجميل دون حقد دفين وشكوى دائمة؛ ومن يقرر أن يصبر على الطرف الآخر فليصبر دون ضغينة وتصيد للأخطاء؛ ففي كل شعور سلبي أو عدائي للآخر نحصل على نصيب النصف منه، نصف لمن نكره ونصف يطعن صدورنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق