هسبريس - محمد الراجي
الأحد 01 أبريل 2018 - 12:00
بينما ما يزال النقاش جاريا حول موضوع الإرث في المغرب، غداة توقيع عريضة من طرف مثقفين وفاعلين مدنيين يطالبون فيها بإلغاء التعصيب، وبروز تيّار مناهض لهذا المطلب، قالت لطيفة جبابدي، ناشطة حقوقية عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إن موضوع الإرث "لا علاقة له بالمعتقدات ولا العبادات، بل يندرج ضمن مجال المعاملات"، على حد تعبيرها.
وفي مداخلة لها ضمن ندوة حول "النساء المغربيات في السياسات العمومية: رهانات المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة"، نظمتها جمعية ملتقى الأسرة المغربية أمس السبت بالرباط، لم تتردّد جبابدي في اعتبار الإرث مثله مثل عدد من المعاملات التي جرى توقيف العمل بها، كالحدود (حدُّ قطع يد السارق وحدُّ جَلد الزاني...)، "لأنّ تطورات العصر تجاوزتها".
وذهبت الناشطة الحقوقية إلى القول إنّ تطبيق المعاملات التي نصّ عليها الإسلام، والتي صَنّفتْ ضمنها الإرث، "يجب أن تُبنى على الاجتهاد، لأنها جاءت في سياق معيّن لتدبير أمور أفراد المجتمع، وهذا يتطلب إعمال العقل"، على حد قولها، مضيفة: "نحن نطالب بمراجعة شاملة لمنظومة المواريث إنصافا للنساء، لأن الأسَر في الماضي كانت ممتدّة، وكان الرجال يصرفون على النساء. أما اليوم، فإن النساء يساهمن في الإنفاق على الأسرة".
واستطردت عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قائلة: "هذه القضية (تقصد موضوع الإرث) ليست مقدّسة ولا يجب أن تكون طابو، ويجب مناقشتها من منطلق طرح سؤال هل ما زالت الشروط التي كان يتم توزيع الإرث بناء عليها قبل خمسة عشر قرنا قائمة اليوم؟". كما انتقدت نظام التعصيب، قائلة إنه "يشرّد بنات أسر فقيرة جدا من طرف الرجال من أقاربهن".
من جهة ثانية، وجهت جبابدي انتقادات لاذعة إلى مدوّنة الأسرة، التي شُرع العمل بها منذ سنة 2004، مطالبة بمراجعة شاملة لها، "لتكون قطيعة مع مدونة الأحوال الشخصية، ولتكون متوافقة مع روح دستور 2011"، وعللت مطلبها بكون المدوّنة "بُنيت على توافق بين توجّه محافظ يعارض الحداثة والحريّة، وبين توجه حداثي مناصر للحرية ولتحديث المجتمع، وهذا التوافق نتج عنه تضارب وضبابية".
واعتبرت جبابدي أنّ ثمّة دواع كثيرة توجب مراجعة شاملة لمدونة الأسرة، منها عدم حسمها في مسألة تزويج القاصرات، الذي اعتبرته "وصمة عار على جبين المغرب"، مشيرة إلى أن إعطاء القضاة حق التقدير في مسألة تزويج القاصرات أدى إلى استفحال مثل هذا النوع من الزواج، أكثر مما كان عليه الأمر قبل تطبيق المدونة، حيث ارتفع من 18340 حالة سنة 2004 إلى 39031 حالة سنة 2011.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق