راكيل ميغل - مدريد - " وكالة أخبار المرأة "
تعتبر حقوق المرأة السعودية مادة خاما بالنسبة للفنانة منال الضويان (45 عاما) على الرغم من عدم اهتمامها بتناول السياسة في أعمالها الفنية، بل ينبع من حرصها على تسليط الضوء على النساء في مجتمع محافظ، وهو ما جعلها ناشطة تناضل من أجل الحصول على أمور بسيطة مثل حقهنّ في مناداتهن بأسمائهن، وهي المبادرة التي أطلقتها عام 2012 تحت عنوان “اسمي” ولاقت ردود فعل واسعة، والتي تدعو من خلالها النساء إلى كتابة أسمائهنّ على كرات خشبية، حوّلتها بعد ذلك لمسبحة ضخمة على غرار تلك التي يذكرها المسلمون في شعائرهم.
وتقول الفنانة السعودية التي تشارك في فعاليات فنية عن تمكين المرأة العربية يستضيفها مقر مؤسسة البيت العربي بالعاصمة الإسبانية مدريد “المجتمع السعودي محافظ إلى حد أنه في بعض الأحيان يكون هناك حرج من ذكر النساء لأسمائهنّ علنا”.
وتشير الضويان إلى أنه جرت العادة على مناداة الأم باسم الابن البكر أو أكبر أبنائها من الذكور، مضيفة “ينطبق الحال على الشعور بالخجل من صوت المرأة أو من جسدها، ومن ثم تغطية الوجه وباقي أجزاء الجسد لتصبح كائنا غير مرئي”.
وتجاوزت مبادرة “اسمي” حدود الفن التشكيلي، لتكون جزءا أساسيا من ندوات واجتماعات مائدة مستديرة شاركت بها العديد من النساء سعيا للكشف عن أسمائهن، لتكتسب الحركة صدى عالميا أيضا. وقبل عام من مبادرة “اسمي”، أطلقت منال دعوة للمرأة السعودية لكي ترسل لها مختلف أنواع التصاريح التي يتعين عليها أن تطلبها، سواء للعمل أو السفر أو الحق في التنقل، لاقت الدعوة استجابة من 200 امرأة، لتقوم الفنانة السعودية بدمج هذه الطلبات في عمل تشكيلي على شكل مجموعة من الحمام لا تستطيع التحليق في الجو تحمل عنوان “في الهوا سوا”، وقد تم عرض العمل في إسبانيا باستضافة من مؤسسة “سانتاندر”.
وفي العام 2014 أطلت الضويان على المجتمع السعودي ومن خلاله العالمي عبر مبادرة “شجرة الحراس” والتي تستعيد فيها شجر العائلات، حيث قامت كل مشاركة في العمل برسم شجرة لعائلتها من النساء فقط، في محاولة لإنقاذ هويات نسائية لم يتم توثيقها في البلاد.
ويصنف النقاد الضويان على أنها فنانة متعددة المناهج والطرائق، حيث قدّمت أعمالا فنية مرئية ومسموعة وأعمالا نحتية وتصويرا فوتوغرافيا بالأبيض والأسود بالإضافة إلى أعمالا تركيبية وغيرها من المشاريع الفنية التي طافت بها جميع أنحاء العالم.
وبدأت الضويان مشوارها الفني عندما دعتها تاجرة أعمال فنية إسبانية لتجربة معايشة فنية في لندن، وقد تمكنت من تحقيق ذلك بفضل ضربة حظ وتوافر الكثير من الظروف الإيجابية من بينها أنها كانت تمارس الفنون قبل وقت طويل من حالة الفوران التي شهدتها بعد ذلك منطقة الخليج.
وتوضح الفنانة السعودية قائلة “كنت أمارس الفن قبل ظهور المتاحف وقاعات العرض في بلادي.. لم تكن لديّ في منطقة الخليج مرجعية فنية أسير على خطاها، لم يكن هناك سواي أنا ومشاعري وقراراتي النابعة من ذاتي”.
أما عن مجال نشاطها النسوي، فتؤكد أنها لم تتمعن في الأمر بصورة معمقة إلاّ قبل بضع سنوات من انطلاقها، حيث أدركت أنه في مجتمع لا تحظى فيه النساء بحرية الحركة، كانت هي على العكس ماضية في طريقها، وبينما لم يكن للنساء صوت، كان صوتها يهدر عاليا.
وتضيف “ستكبر بنات شقيقاتي وسوف أخبرهنّ: هل تتذكرن أننا كنا نعيش في بلد لا تستطيع النساء فيه قيادة السيارات؟”. وقد تحقّق هذا اليوم بالفعل، حيث اعتبارا من الـ24 من يونيو الجاري أصبح مسموحا للنساء القيادة بأنفسهنّ في شوارع السعودية، وذلك في إطار سلسلة من إجراءات التغيير والانفتاح الاجتماعي التي يرعاها ولي العهد محمد بن سلمان، وشملت افتتاح دور السينما وإقامة حفلات موسيقية، ورفع الالتزام الإجباري المفروض على النساء بارتداء النقاب.
وتوضح منال الضويان أنها اندهشت حين زارت بلدها في عطلة رأس العام الماضي، حينما رأت نساء دون حجاب وسط أجواء احتفالية، وتؤكد قائلة “كان مشهدا مؤثرا.. أؤمن بالتغيير، وأتمنى أن نحقّق النجاح بما سينعكس إيجابيا على باقي دول المنطقة”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق